مأساة بن لادن في كتاب !!

23 - أكتوبر - 2014 , الخميس 01:24 مسائا
4053 مشاهدة | لا يوجد تعليقات
الرئيسيةمحمد علي محسن ⇐ مأساة بن لادن في كتاب !!

محمد علي محسن
قرأت كتابا للكاتبة الانكليزية جين ساسون والذي وسمته ب " إنَّه بن لادن .. كل شيء عنه وبلسان زوجته وابنه "فلم يزدني إلَّا بؤسا وحزنا ووجعا على كثير من المسلمين ممن هم ضحية إما لجهلهم وإما لفقرهم وإما لأزماتهم النفسية والوجدانية والعاطفية ،فالشيخ أسامة بن محمد بن عوض بن لادن لم يكن سوى القربان المقدام الجهور البائس الضال الجامح السقيم الصدوق .

فتى في ريق حيويته وحماسته وطيبته ورغد عيشه ومن ثم يجد ذاته مجاهدا محاربالأعداء الاسلام " الروس " في جبال وقفار افغانستان ولسنون عشرة . نعم شاب عشريني لم يمض على اقترانه بابنة خاله نجوى غانم - سورية المولد والنشأة والعائلة ، يمنية الاصل والجذور - ثلاثة اعوام فقط ومن ثم وتحت تأثير الخطاب الوعظي الديني الحكومي المُسيَّس يصير اسيرا لرحلته الاولى كشاب ميسور وثري محظي بدعم ورعاية الحكومات المتحالفة مع امريكا والغرب الرأسمالي لمحاربة الغزاة السوفيات المحتلين لأفغانستان منذ اجتياحها في كانون الاول ديسمبر 79م .

تبدأ مأساة الرجل وعائلته وطائفته مذ تلكم اللحظة التي تحمس فيها لجمع التبرع السخي وتوزيعه هناك حيث الآف المشردين والمنكوبين اللاجئين الى بيشاور الباكستانية المدينة المتاخمة التي كان نصيبها كبيرا من الكارثة الانسانية .

كما ومن المقاومة وذكراها وما تلاها من احداث جسام عرفها العالم الذي مازال وقعها مهولا وماثلا حتى اللحظة الراهنة المشاهد فيها عنف وارهاب الجماعات الجهادية التكفيرية المتخلقة من رحم تنظيم القاعدة المتشكل نواته في بيشاور .

فمن فكرة الجهاد الذي قدر له هزيمة الجيش الاحمر السوفيتي وتحرير افغانستان ولد وسطع نجم الشيخ أسامة وتنظيمه ، فبعيد عشرة اعوام من الجهاد العابر للحدود لم يستطع الشاب قبول فكرة العودة للديار واستئناف الحياة العادية ،فبرغم توافر المال والفرصة لاسامة بن لادن كيما يستقر في وطنه السعودية إلا ان ما رسب في ذهنه واستحوذ على تفكيره أكبر من المال والبنون والدنيا وزخرفها .

بتعريف بسيط اسامة كان ضحية بيئة متشبعة بالغلو والانغلاق الفقهي والفكري والمجتمعي . نعم فلكم شعرت بالبؤس والحسرة والالم ؟ فكل ما اوردته الكاتبة على لسان الزوجة والولد كان موجعا ومأساويا ولحد انني لم امتلك دموعي حسرة وندامة على الرجل وعائلته الكبيرة المكونة من اربعة زيجات – قبل طلاق احداها واقترانه بزيجة يمنية - وأكثر من عشرين طفلا وطفلة .

فجميع هؤلاء وجدوا انفسهم على خطى أب طيب وصادق وفوق ذلك مخلص النية بكونه محاربا للصليبية وللانظمة الحاكمة ،فمن جدة المدينة الساحلية الى كراتشي في باكستان الى الخرطوم في السودان كمنفيين مسلوبي الهوية بجريرة الانتساب الى شخص خارج عن طاعة الحكم الى اناس مشردين في جبال تورا بورا وجلال اباد وقندهار .

والى عائلة ممزقة مبعثرة غير مرحب بها في ملاذها افغانستان كما ومطلوبة ومطاردة أين ذهبت وحلت ؟ ماساة حقيقية تلك التي عاشتها عائلة بن لادن الرجل الثري الذي كان بحق ضحية صارخة لفكرة الجهاد المقدس الذي نذر ذاته وثروته له .

لا اعلم ما إذا كان الشخص قد اوصى اولاده بالابتعاد عن مسلكه الخاطئ مثلما نشرت وسائل الاعلام عقب مقتله أم أنه ظل على موقفه المتشدد والمغال ؟ ومع كل ما قيل وسيقال عن الرجل أعده مجرد قربان صنعته جملة من الاسباب والظروف المجتمعية والدينية والسياسية ، فالانسان كما قيل ابن بيئته المحيطة به .

بعد انتهائي من قراءة لسيرة الشخص وعائلته اجدني الآن ناصحا كثير من الاباء والامهات وقبلهم بالطبع المسؤولين عن التعليم والثقافة والاعلام ؛لأن يستفيدوا من هكذا سيرة ذاتية ، فمحاربة الارهاب لا تأتى بالقوة والعنف وإنما بافكار جديدة وباحلال قناعات محل قناعات وبقراءات وتاويلات داحضة لقراءات وتاويلات وهكذا دواليك .

نعم حزنت كثيرا عليك يا لادن الصغير الباكي على أُمك واخيك المغادرين الى سوريا ودونما تجد لدموعك السائحة على وجنتيك فؤادا في صدر ابيك ! بكيت حرقة ومرارة على اخوانك الصغار وعلى اخواتك القاصرات اللائي يتم تزويجهن وهن في سني الطفولة ومن فتيان قتلوا بقذيفة صاروخ او انتحروا بحزام ناسف ! قصة حقيقة لو ان بطلها لم يكن زعيما لتنظيم ارهابي لكانت تتصدر افلام هوليود وبوليود وشبكات فوكس وسواها .

لا تتوقع نتيجة مغايرة طالما وانت تكرر ذات الفعل ، هذا ما حدث بالضبط خلال الأعوام الفارطة . وهذا ما سيحدث الآن وفي المرحلة القابلة ، فلا الشرعية عادت وقادت الدولة أو أن الانتقالي استعاد دولة . لا يوجد ثمة جديد يمكنه تغيير الحالة القائمة منذ انفراط »

هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟

الإسم:

البريد الإلكتروني :

العنوان :

نص التعليق :
*

مساحة إعلانية

فيس بوك

تويتر

إختيارات القراء

إختيارات القراء