"دراسات تاريخ اليمن المعاصر"..كتاب جديد يتضمن شهادات معاصرة لمسؤولين أمريكيين وبريطانيين
الضالع نيوز | صنعاء

صدر عن دار ورد للنشر والتوزيع حديثا لأستاذ التاريخ الحديث والمعاصر الكاتب والأكاديمي د. محمود الجبارات كتاب بعنوان "دراسات في تاريخ اليمن المعاصر" تضمّن ست دراسات مختارة عن تاريخ اليمن.

وجاء في مقدمة الكتاب موجزا عن إشكالية الإقدام على دراسة التاريخ الحديث والمعاصر ، أو الابتعاد عنها؛ والتي كانت ولا زالت موضع نقاش، وجدل بين الكثيرين من دارسي التاريخ؛ ذلك لأن التاريخ الحديث أو المعاصر قريب إلى نفس المؤرخ أو محيطه أو بيئته؛ وبالتالي فهو مؤثر ومتأثر فيها سلباً أو إيجاباً . وبالمقابل هناك وجهة نظر معتبرة لدى العديدين منهم مفادها أن المؤرخ لا بُدَّ وأن يدلي بدلوه في المواضيع المعاصرة؛ لا أن يعيش حبيس التاريخ البعيد منشغلاً به أو متوارياً من خلاله عن العصر والأحداث.

وتناول الكتاب عددا من المواضيع كان أهمها دراسة حول الشخصية الرئيسة التي واكبت الأحداث وأثرت وتأثرت بها وهي شخصية الإمام يحيى حميد الدين، نشأته، وتعليمه ، وعلمه ، ومواقفه على الصعيد الداخلي اليمني ، ثم مواقفه من مطامع الدول الكبرى التي كانت تحوم حول اليمن كطيور جارحة.

وبين الباحث جهاده ضد الأتراك العثمانيين مع والده ، ثم اختياره إماماً بعد وفاة والده؛ واتفاقه مع الأتراك المسمى باتفاق دعان 1911، ثم توسعه السلمي في السيطرة على أجزاء من اليمن حتى نهاية الحرب العالمية الأولى، وتسليم الجنود الأتراك بعد هدنة مودرس 1918م إلى الإمام يحيى وإفادته منهم. وتوسعه في توحيد أجزاء من اليمن تحت سيطرته من خلال إصراره على وحدة الأراضي اليمنية.

وقد ناقش الباحث الأوضاع الداخلية في اليمن ، الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية ، قبيل وأثناء تولي الإمام يحيى مقاليد الإمامة، ثم تعرض إلى الوضع الدولي والتنافس التجاري الدولي على الموانئ اليمنية.

وتضمن الكتاب شهادات معاصرة لمسؤولين أمريكيين حصل عليها الباحث من الوثائق الأمريكية المحفوظة في الأرشيف الوطني الأمريكي وترجمها للعربية مع بعض الإيضاحات الضرورية، وهذه الوثائق تنشر للمرة الأولى وتضمن الكتاب وثيقة مهمة: هي رسالة مطولة كتبها نائب القنصل الأمريكي في عدن جيمس لودر بارك لوزارة الخارجية الأمريكية في العام 1926م وعنوانها : تجارة الأسلحة الأمريكية مع اليمن ، ونصها بالإنجليزية في ثمانٍ وثلاثين صفحة . كتب فيها بارك ملاحظاته وانطباعاته عن اليمن والإمام يحيى خلال هذه الفترة.

وتضمن الكتاب أيضاَ ترجمة لمقالات معاصرة لفترة الدراسة كتبت بالإنجليزية من قبل دبلوماسيين مميزين ؛ الأول : هارولد جاكوب المستشرق البريطاني، وضابط مخابرات الخدمة المدنية في عدن والمقال المعنون "مملكة اليمن: مكانتها في المجاملة الدولية"، هو نص محاضرة قدمها جاكوب أمام جمعية جرويتس في العام 1932 ، وتضمنت معلومات هامة عن البلاد اليمنية وأوضاعها الداخلية والوجود البريطاني في عدن والتدخلات الدولية، ورؤيته لمستقبل المنطقة ، وموقف كل من وزارة المستعمرات وحكومة الهند البريطانيتين من التطورات السياسية والعسكرية في المنطقة العربية بشكل عام.

أما الثاني فهو : هارلن كلارك الدبلوماسي الأمريكي الذي شغل منصب القنصل الأمريكي في عدن بين عامي 1944 و 1945م ، والمقال بعنوان "اليمن ، جنوبي جبال الجزيرة العربية ، أرض العجائب". وتضمن المقال وصفاً دقيقاً لزيارته الأولى لليمن مع وفد أمريكي ومقابلاته مع الإمام يحيى وسيف الإسلام الأمير أحمد، ولي العهد آنذاك، وخلاصة عن زيارات الأمريكيين الذين سبقوه لليمن ، وتضمن المقال معلومات هامة عن اليمن خلال هذه الفترة : اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً ، وعن نظام التعليم في اليمن ، والطبيعة والعمران ، وعن المشاريع الأمريكية في اليمن قبل زيارته.

وتضمن الكتاب أيضاً بحثاً عن تعز في النصف الأول من القرن العشرين؛ حاول أن يرسم تصوّراً لمدينة تعز في هذه الفترة المتقلبة والمضطربة من تاريخ اليمن والجزيرة العربية، تناول فيها البحث أوضاع هذه المدينة السياسية والإدارية في العهد العثماني المتأخر وعهد الإمام يحيى إلى أن أصبحت مقرّاً للإمام أحمد بن يحيى حميد الدين وعاصمة لليمن خلال السنوات الثلاث الأخيرة من فترة الدراسة.

والبحث الأخير دراسة وثائقية عن الموقف الأمريكي من انقلاب عبد الله الوزير على الإمام يحيى حميد الدين؛ الذي كان قد عقد معاهدة مع الولايات المتحدة قبل نحو عام من الإنقلاب عليه؛ رصدت الدراسة موقف الولايات المتحدة من الإمام يحيى ومن اليمن من خلال الوثائق الأمريكية.

تجدر الإشارة إلى الدكتور الجبارات سبق أن نشر دراسة هامة عن العلاقات اليمنية الأمريكية (1904-1948) نشرت في بيروت 2008م.