الرفيق .. علي عبدالله صالح!!

14 - مايو - 2014 , الأربعاء 10:12 مسائا
3841 مشاهدة | لا يوجد تعليقات
الرئيسيةنـاصـر يـحـيى ⇐ الرفيق .. علي عبدالله صالح!!

نـاصـر يـحـيى
[1]

لأنني كنت أريد هذا الأسبوع الاستشهاد بشهادة أحد ضباط الحراسة؛ الذين كانوا موجودين بجوار الرئيس المخلوع وقت حادثة التفجير في مسجد الرئاسة؛ لتعزيز الملاحظات التي ذكرناها في مقال الأسبوع الماضي (هولوكست أم كربلاء؟)؛ فقد كعفت نفسي على غير العادة مشاهدة حوار المخلوع في قناة الحرة الأمريكية بدلا من قراءته في الصحف، لعل الرجل يقول شيئا جديدا عن الحادث كما أوحت الإعلانات عن الحوار!

ومع أن ذلك لم يحدث؛ إلا أنني أشهد أن الحوار كان مسليا ومصدرا للبهجة، وينفع ليكون من نوعية (يؤتى به ليضحك ربات الخدور البواكيا) على رأي أبي الطيب المتنبئ في كافور الأخشيدي! ولعل الذين تابعوا الحوار لاحظوا مقدار البهجة، والانشراح، والابتسامات الدائمة التي ارتسمت على وجه أكرم خزاااام وهو يتابع كلام الزعييييم.. ولعله تذكر ساعتها زعيما آخر هو.. عادل إمام الذي لا يحاوره أحد إلا ظل مبتهجا منشرحا مبتسما.. شلوللي! والغالب أن اكرم خزاااام ودّع الزعيم وهو يقول بلكنته الروسية: [أدحك اللاه طرسك يا سعيييم!].

[2]

والحمد لله الذي لا يحمد على حوار سواه؛ فقد كانت فرصة لملاحظات عديدة تنفع أن تكون أساسا لمقال نرجو أن يكون فاتحا لأسبوع من المسرات أتوقع أن يثيره الحوار على صفحات التواصل الاجتماعي، وهذه بعض الملاحظات عنه دون ترتيب في سياق ورودها في الكلام:

- رغم الأحاديث المؤتمرية المتشنجة التي لا تتوقف عن مؤامرة أمريكية قادها البيت الأبيض تحت لافتة الفوضى الخلاقة لتغيير الأوضاع في المنطقة العربية، والتآمر مع الإخوان المسلمين لتنفيذ المخطط وتسليمهم الحكم؛ رغم كل ذلك إلا أن الزعيم أثبت أنه يفهم في لعبة الأمم أكثر من العكفة الذين حوله (وخاصة المهرولون من اليسار!) فلم يتهم الولايات المتحدة بالتسبب في خلعه هو ومبارك، وزين العابدين بن علي، وقصر الفوضى الخلاقة على إسرائيل التي لن تغضب طبعا من هكذا اتهام؛ لكن المهم أن نلاحظ أن الرئيس الذي كان يحكمنا لم يكن يرى مانعا أن يستجيب لأوامر أو طلبات الأمريكان والغرب في أن يدفع أبناء شعبه للقتال في أفغانستان لمواجهة المد الشيوعي؛ مكرها كما يفهم من اعترافاته وليس إيمانا واحتسابا؛ قبل أن يأتي يوم يتفرغ هو وأبواقه لاتهام الإسلاميين بأنهم كانوا عملاء لأمريكا والغرب، وينفذون أجندتهم، ويأخذون منهم أسلحة وصواريخ ليقاتلوا بها السوفيت (يعني مش مثل الزعماء العرب الذين كانوا يأخذون نفس الأسلحة ليستعرضوها في الاحتفالات الوطنية! أو في أقصى تهور يقمعون بها تمردا شعبيا ضدهم هنا أو هناك.. كما اعترف الزعيم بنفسه على قناة الجزيرة!) ومع ذلك فحقيقة الاستجابة لأوامر/ طلبات الأمريكان لا تتنافى مع ما قاله أحد الشعراء الهائمين في علي عبدالله صالح أنه عندما كان ينحني (الحمد لله هو الذي قال وليس أنا!) للأمريكان فقد كان يعملها بكبرياء (الانحناء مش ال..!).. ومن معاني ذلك أنه عندما كان يأتيه الطلب/ الأمر بالسماح لمن يريد الذهاب إلى أفغانستان فإنه لم يكن يوافق فورا؛ بل يقول: (اطبخ يا زعيم.. كلّف يا مستر!).

[3]

سبق صحفي تاريخي حققه برنامج أكرم خزام الذي نجح في الاستنتاج أن الزعيم حليف أمريكا كان يوما ما.. شيوعيا أي معجبا بمبادئ لينين وماركس.. والمفاجأة أن الزعيم وافقه فورا مثنيا على ما في الشيوعية من معاني العدل، والمساواة، ورفض التفاوت الطبقي بين الأغنياء والفقراء.. وسبحان الله.. فهو نفس البرنامج الذي طبقه عندما حكم البلاد.. فحقق العدالة، والمساواة، وألغى الفوارق الطبقية! والأكثر أهمية الأخذ بفكرة.. تأميم وسائل الإنتاج.. [وأنا يا ربي أقول: الراجل من فين جاب فكرة تأميم منصب الرئاسة منذ 33 سنة؟ ومن أين استوحى فكرة تأميم اليمن؛ وخاصة وسائل الإنتاج المعروفة باسم المناصب القيادية في الجيش والأمن وتركيزها في الأولاد، والأخوة، والأشقاء وأبنائهم، والأصهار، وذوي القربى واليتامى والمساكين من أهل البلاد فقط! ومثلها فعل في المؤسسات الاقتصادية الدسمة من اليمنية إلى شركات السجائر، والكبريت، والأدوية، والنفط؟ مفارقة عجيبة؛ فقد كان البعض من الماركسيين الجهلة يتهمونه بأنه يقلد بعثية صدام طلع لهم: ماركسي متطرف!].

[4]

مما يعد من فلتات اللسان؛ وكل زعيم له فلتة؛ أن يقول صالح إن بعض الناس بغرض إثارة الفتنة ينقلون إلى الرئيس هادي كلاما ضد صالح.. وأمثالهم ينقلون إليه كلاما ضد هادي! وحكاية أن هناك من ينقل كلاما ضده لهادي مفهومة وبعضهم من آل البيت المؤتمري، ومفهوم جدا أن يحذر منهم.. لكن غير المفهوم أن يفلت لسانه ويقر بأن هناك من ينقل كلاما ضد هادي إلى الزعيم! لأن معنى ذلك أولا وأخيرا اتهام صريح لقيادات مؤتمرية بأنها تعمل على إثارة الفتنة بين الزعيم والرئيس، وتحرض الأول على الثاني من خلال الكلام المسيء المنقول عن هادي إلى الزعيم.. وكون هؤلاء الفتّانون مؤتمريين أو حلفاء لهم وليسوا من قيادات اللقاء المشترك يتأكد من حقيقة أنهم هم فقط الذي يلتقون بالزعيم يوميا فتتاح لهم فرصة الوسوسة والفتنة والتحريض ضد هادي.. ومن غير المعقول أن نفهم أنه يقصد أن ياسين نعمان أو اليدومي أو العتواني هم الذين يحرضون صالح ضد هادي (حسن زيد والمتوكل.. الله أعلم بسرائر الزيارات.. ومن قال: لا أعلم فقد أفتى!).

مأساوية الملاحظة السابقة أنها تهدم الانطباع الموجود لدى الزعيم أنه – كما تفاخر- ربى جيلا على التسامح، والحوار، والأخلاق الحميدة، والابتعاد عن كلام الصحافة والإعلام البذيء.. ولأن من عاير استعار فها هو دون أن يدري يقر أن قادة من حزبه يمارسون الفتنة ودور إبليس اللعين في التحريش بينه وبين الرئيس هادي! ولأن هؤلاء قادة كبار، ومن المقربين الأصفياء بالضرورة.. فتخيلوا: كيف ستكون أخلاق التابعين وتابعي التابعين من أعضاء المؤتمر؟ حوالينا لا علينا!

[5]

كأي رئيس من حقه أن يتفاخر بإنجازاته كالوحدة واستخراج النفط.. إلخ ما فعله، وبصرف النظر عن أن هذه المنجزات أصابتها السنة الإلهية (إن الله لا يصلح عمل المفسدين) إلا أن منجز (حقوق الإنسان) بالذات يظل من المبالغات الشنيعة قياسا – للأمانة- على مفهوم المصطلح وليس على ممارسات زعماء مثل مبارك وابن علي، ويذكرني بنكتة سمعتها من شخصية يسارية غير مشهورة تربطني بأولاده علاقة طيبة، وسمعته يوما يقص علينا حكاية والده القاضي العلامة المشهور الذي زاره في القاهرة أيام كان طالبا فيها، وهال الأب مقدار الشحوب، والضعف، وتدهور الصحة التي كان عليها ابنه، واستفسره عن سر تلك الحالة المزرية (أو الإنجاز إن جاز استعارة مصطلحات الزعيم!) فرد الابن متفلسفا: (يا أبتي: المرء بأصغريه!) فبادره العلامة ساخرا من إنجاز ولده: [أين.. المرء؟].

[6]

ما تزال ثورات الربيع العربي ضد صالح وأمثاله تثير غيظه وألمه، فهي عنده مؤامرة صهيونية (سعم إسرائيل كانت ستجد لها أفضل من مبارك وابن علي.. أو الأسد النائم في عرينه، والقذافي المناضل في أفريقيا وأيرلندا.. وصالح نفسه لم يشكل أي خطورة عليها حتى عندما طالب المصريين بقطعة أرض على الحدود مع فلسطين ليشن منها الجهاد، أو للدقة ليفتح باب الجهاد للمجاهدين على الطريقة الأفغانية!).

منطق متوقع ممن اضطره الربيع العربي لترك السلطة.. لكنه مع ذلك لم يستنكر نسخة المؤامرة الصهيونية في سوريا؛ ربما لعدم إغضاب دول الخليج والأمريكان المؤيدين لثورة الربيع العربي الشعبية ضد النظام السوري؛ وتمنى فقط أن يجلس النظام والمعارضة على طاولة المفاوضات (للدقة قال: الوقوف على طاولة المفاوضات!) لحل المشكلة.. وهي مفارقة غير وطنية.. فإذا كانت الثورة السورية مؤامرة صهيونية فكيف يجوز قبول التفاوض مع الإرهابيين العملاء؟ على الأقل فليكن الموقف كموقف المؤتمر في الحالة المصرية تأييدا للانقلاب العسكري.. على نتائج صندوق الانتخابات (في لحظة ما دعا صالح الجميع إلى احترام نتائج صندوق الانتخابات.. لكنه لم يحدد هل يشمل ذلك مصر أم لا؟).

[7]

قلنا مرة إن الإصلاح سيكون مدينا للزعيم برسالة شكر على إصراره نسبة إنجاز الثورة الشعبية؛ التي أجبرته على ترك السلطة وصولا إلى تفكيك حكمه العائلي؛ إلى الإصلاح حصريا.. فلا شك أن ذلك مما يفخر به أي حزب؛ وإن كان الإصلاحيون لا يزعمون ذلك فهم يعرفون أن ما حدث كان أكبر من الأحزاب والأشخاص.. لكني حقيقة لم أفهم من أين جاء صالح بالفتاوى الإصلاحية (على حد تعبير الشيخ يحيى الراعي في مداخلته أو مزابطته في برنامج بلا حدود!) التي زعم أنها تقول (إن صوت المرأة عورة حتى في بيتها.. وأنها لازم تجلس فقط في .. المطبخ)! في معرض سخريته أو حنقه من المشاركة النسائية المتميزة في الثورة الشعبية ضده.. وصحيح أنه فوق كل ذي علم عليم.. لكن في حكاية أن صوت المرأة عورة حتى في بيتها فهو علم مما ينسبه العامة زورا وبهتانا إلى ابن علوان، والعيدروس، وأبي طير، وعوبلي رداع! ويؤكد بالفعل أن الزعامة لها شروط، وطقوس، ودجالين من مخلفات جميع الأحزاب، والمشايخ التايوان.. والمهم: مش من أجا قال: أنا زعيم.. لكن لا بد أن يكون متبحرا في الفقه حتى يحيط بخلافات الفقهاء حول المرأة، وأين يكون يجب أن تجلس المرأة في بيتها: في البيت عامة، أو الديوان، أو غرفة النوم.. أو في المطبخ حصريا وهو رأي العلامة علي صالح.. الشيباني وإخوانه!

[8]

لم يعد المجال يكفي للتعليق على شهادة حارس علي صالح حول ما جرى بعد تفجير مسجد الرئاسة؛ لذلك سنعود إليها الأسبوع القادم بإذن الله تعالى.. ونختم بملاحظة أن صالح غمز في كفاءة الإسلاميين في إدارة الحكم داعيا إياهم: أن يعطوا الخبز لخبازه! وكما هو مفهوم من منطوق الخبز أو الكلام فهو يقصد بالخبازين أمثاله من الرؤساء والزعماء الذين يولدون وهو متمرسون على الخبز.. أو السلطة والحكم، ولا يجوز للإسلاميين باسم الأغلبية ونتائج صندوق الانتخابات أن ينافسوهم عليها بل عليهم أن يعطوا الخبز؛ أو الملوج في الحالة اليمنية؛ للخبازين.. ولولا أن العنوان الذي اعتمدناه للمقال كان الأفضل في رأينا، لكان من الممكن أن يكون على النحو التالي:

[الخباز.. علي عبدالله صالح الشيباني وشركاه]!

[1] أعلم أن نشر الآراء والأخبار والتوقعات الصحفية عندنا في اليمن –كما هو حال بلدان عديدة أبرزها: مصر- عملية من عمليات مناطق السوق الحرة: ليس عليها جمارك، ولا ضرائب، ولا واجبات، ولا رقابة حقيقية على الجودة! لكن أن يصل الأمر إلى الحديث »

هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟

الإسم:

البريد الإلكتروني :

العنوان :

نص التعليق :
*

مساحة إعلانية

فيس بوك

تويتر

إختيارات القراء

إختيارات القراء

لا توجد مشاهدة

لا توجد تعليقات

لا توجد مشاهدة

لا توجد تعليقات