تخاريف سياسية

25 - سبتمبر - 2014 , الخميس 09:48 صباحا
3594 مشاهدة | لا يوجد تعليقات
الرئيسيةمحمد العمراني ⇐ تخاريف سياسية

محمد العمراني
التخريفة الأولى :

الآن وبعد انتهاء فزاعة الإخوان وكل خطوط الإمداد لهم بفعل خليجي واضح كان يهدف لمطاردة أوراق الربيع العربي من أن تمتد غصونها إلى صحراء الربع الخالي ، ماالذي فعله الخليج ؟

ليس مفهوما حتى الآن كيف يرتب حراس الأمن القومي الخليجي أوراقهم في المنطقة بعد استشهاد حالة الربيع العربي وبزوغ الفجر الإيراني ؟ !!.

فإيران وبدهاء كبير اختارت أن تتسلل إلى المنطقة العربية من خلال لافتتين رئيستين تخاطبان المواطن العربي من واقع المظلومية التي عادة ماتجد سوقا كبيرا بين العرب خصوصا باعتبارهم على الغالب طبقات مظلومة على الدوام .

أولاهما مظلومية القضية الفلسطينية التي ظلت على امتداد الصراع الاسرائيلي العربي حالة قدسية يجمع علي قدسية النضال لها كل أطياف المجتمع العربي بكل تنوعاته ، وبالرغم من حالة العزلة الثقافية التي تفرضها اختلاف اللغة والجغرافيا السياسية إلا أن حالة الإسناد الإيراني للمقاومة ضد إسرائيل بشقيها السني والشيعي قد فكك كثيرا هذه العزلة وفرض حالة احترام لم تتفوق عليها غير الحالة التركية في المنافسة على إبهار الشارع العربي بحالة الإسناد للمقاومة وبالتالي التمركز في الذهن العربي تمهيدا للفاعلية السياسية أو الاقتصادية الخبيئة وراء هذه المواقف .

وثانيهما هي المظلومية التاريخية الشيعية ، إسناد مظلومية آل البيت ، وهو شعار سياسي في ختام الأمر لكنهم بعثوه من القبر وساندوه ليكون عنوانا للعبور فهي تتبنى الخطاب الشيعي كمعادل نقيض أو منافس للإسلام السني ، وهي تخلق قواها الناعمة في كل العالم الإسلامي اعتمادا على هاتين المظلوميتين .

دول الخليج وفي المقدم منها السعودية كانت ترتب أوراق أمنها القومي بهاجس المنافس السني الذي جاء راكبا ظهر الديموقراطية وثورات الربيع رغم أن حداثة التجربة وصغر سن المولود لم تكن مهددا بحجم دولة كبيرة تفوق في مساحتها أو سكانها بعض دول الخليج أكثر من أربعين مرة ، وهي تبنى منظومة القوة العسكرية الضخمة وبشقها النووي أيضا ، وتمد أذرعها في العالم كله وليس فقط في المنطقة ، على الأقل هذا المولود المهدود بأتعاب خمسين عاما من التجارب الفاشلة لن يشب قريبا ، ولن تبدأ مخاطره قبل عقود !!

هذا الخطر القريب ضعيف الاحتمال أو متأخر الفاعلية فيما يبدو غطى على راسمي استراتيجيات الأمن القومي في الخليج والسعودية والإمارات على وجه الخصوص وحجب عنهم الرؤية الاستراتيجية عن المهدد البعيد الذي يقترب الآن أكثر من كل الوقت الذي مضى !!
فبدت سياساتها في ملف القضية الفلسطينية غير عابئة بالرأي العام العربي كثير الحساسية في موضوع قضيته المركزية الأولى ، وكانت إيران تبسط أيديها بسخاء وذكاء مستغلة هذا الغياب الخليجي بعد غياب الدور المصري أيضا ، وهي من هذا الباب نفسه صنعت أسطورة حزب الله المقاوم لإسرائيل وساندت حماس الظافرة في المخيلة الجمعية العربية التواقة لأي حالة انتصار وأوقفت نظام الأسد على قدميه منتصرة بحماس لكل حلفائها بتغطية سياسة مدهشة !.
كنتيجة لمركزية هذه القضية تفعل تركيا الشيء ذاته في الملف الفلسطيني وهي التي تعاني ذات العزلة الثقافية المفروضة من اللغة أيضا بالرغم من أن الثقافة و التاريخ التركي لديه الكثير من خطوط التماس والتقاطع مع التاريخ والثقافة العربية أكثر مما هو عليه الحال مع إيران .

اختارت السعودية حلفاء غير أكفاء لها في العراق وفي سوريا وفي لبنان وفي اليمن وحتى في الملف الفلسطيني ، حلفاء بغير رصيد شعبي ولا تاريخ نضالي ، وتقريبا صارت السياسة الخارجية السعودية تدفع كلفا باهضة لترتيب هذه الملفات وأحيانا بأوراق متناقضة ومرتبكة كما هو الحال في العراق وسوريا وأخيرا في اليمن .

لاهي - أعني دول الخليج وأخص السعودية - تفاهمت مع خطاب وطني مدفوع بالإرث العروبي والنضالي المرتبط بالقضية الفلسطينة وقضايا النضال العربي سعيا من أجل الحرية والرفاه ، ولاهي أنتجت قواها الناعمة اعتمادا على البعد الثقافي المتمثل بالمذهب السني كمعادل للزحف الإيراني المؤدلج والمعمم بالناسف النووي ، ولا هي دعمت الاعتدال الاسلامي ووفرت له أرضية مناسبة لإخصابه وإثرائه وتنظيمه واستيعابه ، ولاهي اختارت داعش وأخواتها على محمل الجد ، و فيما يبدو من قراءة المشهد اليمني أخيرا أنها تتحكم بالعلاقة مع الغرب وخصوصا أمريكا على ذلك النحو الذي يضمن لها الرهان على هذا الفرس النفعي الذي يؤمن فقط بسياسة الأقوياء والمصالح والأمر الواقع .

لاهي اعتمدت الجانب الاقتصادي محركا أساسيا في صناعة علاقاتها وتحالفاتها كما تفعل تركيا ، ولاهي خلقت خطابا إسلاميا واعيا مستفيدة من وجود الحرمين كمرجع روحي لكل الأمة المسلمة كما تفعل إيران في النجف وقم ، أو حتى صناعة هوية ناظمة للمنطقة العربية على غرار إيران في التركيز على الهوية القومية الفارسية التي تطلق عليهم في تعريفاتها السياسية "الخليج الفارسي " ، ولاهي أيضا حاولت أن توفر خطابا حداثيا نازعا إلى قيم الحداثة والديموقراطية والعالم الجديد كما تفعل قطر !!

وهذا التخبط يضاعف من خسائرها لصالح الغول الذي يلتهم المنطقة العربية المتعبة بإرث الصراعات والفتن والحروب ، فيما يحتفل صناع أمنهم القومي بانتصارات هي في نهاياتها بعيدة المدى شكل من أشكال الهزائم .

كثيرا ماسمعت محللين استراتيجيين خليجيين على قناة العربية وغيرها يتساءلون بحيرة ، لماذا يتم التغاضي عن الحركات الشيعية المسلحة ولا يتم تصنيفها كحركات إرهابية كما هو الحال بالنسبة للسنية ؟
ومع أني أكره هذا التصنيف الطائفي الذي يبدو أننا سنجبر على التعامل معه باعتباره صار يشكل حقائق على الأرض أكثر من كونه خطابا تنظيريا يبحث عن واقع ، إلا أنني يمكنني الإجابة علي التساؤل بسهولة كبيرة
"إنها خطوط الإمداد التي توفر غطاء السياسة " .
فإيران ترتب تحالفاتها الدولية لإسناد فرقها المحاربة في المنطقة وتنظم لهم خطابا إعلاميا ذكيا وإسنادا سياسيا يمنع وقوعهم في قبضة المجتمع الدولي ، فيما ترتبك السياسة الخليجية في ترتيب أوراقها على نحو ذكي لأنها كما يبدو تلعب خارج الملعب !!

التخريفية الثانية : الملف اليمني والخيارات الخليجية ، يمكن تناولها في تناولة خاصة ونقاش آخر لو سمحت الظروف وتوافرت الفرص ، مع اعتذاري الدائم عن الإطالة ..

مدينة يقتلها الخذلان محمد عمراني لم نكن نعلم أن مهمة منظمات المجتمع الدولي تتوقف فقط عند إحصاء القتلى والمصابين الذين تقتلهم أطراف الصراع . لدينا عشرات المنظمات ترفع تقاريرها عن #‏تعز لكن هذه التقارير المطبوعة بالألوان الفاخرة تتحول إلى »

هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟

الإسم:

البريد الإلكتروني :

العنوان :

نص التعليق :
*

مساحة إعلانية

فيس بوك

تويتر

إختيارات القراء

إختيارات القراء

لا توجد مشاهدة

لا توجد تعليقات