أسباب نجاح مشروع النهوض لأي شعب!

17 - مايو - 2014 , السبت 06:05 مسائا
4087 مشاهدة | 2 تعليق
الرئيسيةمحمد عـبدالله الـيدومـي ⇐ أسباب نجاح مشروع النهوض لأي شعب!

محمد عـبدالله الـيدومـي
يعتبر التعليم من أهم أسباب نجاح مشروع النهوض لأي شعب ولأي أمة على وجه الأرض؛ولذلك كان ديدن الطغاة في الماضي والحاضر هو محاربة التعليم ومنع اتساع قاعدة المتعلمين وتضييق الخناق على المعلمين ووضع الجميع في سجن الأميه البغيض.. إننا أمة ((إقرأ))..أمة الكتابة((ن ومايسطرون)) وهما آلية العلم والتعلُّم.ولذلك كان لزاما على شعبنا وهو يحاول الفكاك من أسر الواقع البئيس وصناعة حاضر محترم ومستقبل أفضل؛أن يحطم أسوار هذا السجن وأن يقطع دابر السجانين وأن ينطلق الى المعالي دون تهيُّب أو تردد.. فنحن شعب شارك في الماضي-وبكل فخر-في إثراء الحضارة الإنسانية بكل مايستطيع من جهد علمي وعمراني لاينكره الاَّجاحد مأسور بسلاسل الأنانية أو جاهل بحقائق التاريخ..!
إننا شعب صنع أمجاده بنفسه ، وسجل القرآن الكريم شهادته لعظمة هذا الشعب بأحرف من نور وآيات كريمات لا يأتيها الباطل من أي جهة كانت ..!
فلو أخذنا جانبا من هذا التاريخ ، وصورة من ذلك المجد لعلمنا أن كل نبي من أنبياء الله _ عز وجل _ ورسله الذين أرسلوا الى الناس ترافقهم معجزات تتناسب مع كل عصر من تلك العصور ..
وتعالوا بنا نقف أمام صفحة من صفحات تاريخنا المجيد . ففي عصر الأم الفاضلة والعاقلة والحكيمة " بلقيس " ، وصل التقدم العلمي والتقني درجة لا تستطيع الكلمات وصف عظمتها وتطورها ونبوغ أبناء جيلها .. في هذا العصر أرسل الله _ سبحانه وتعالى _ نبيه سليمان عليه السلام بمعجزات تفوقت تفوقاً لا يضاهيه أي تفوق على وجه الأرض حيث سخرت له الرياح وأُخضعت له الجان وعُلِّم منطق الطير ومُكِّن له من علوم الأرض ماشهدت به الكتب السماوية وصفحات التاريخ الإنساني ..!
في ظل هذه المعجزات المبهرة مرًّ على أرض اليمن " هدهد " تسمَّر في مكانه مشدوها بعظمة ماشاهد من تقدم ورقي في غير أرض الشام التي كانت عاصمة ملك سليمان _ عليه السلام _ فيها .. وقد ظهر أثر الإعجاب بما شاهد ورأى في تقريره الذي قدَّمه للنبي سليمان عليه السلام : (( فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ )) وبعد أن استمع النبي عليه السلام الى التقرير الذي يشير الى أن هناك من لا يزال يشرك بالله _ عز وجل _ رغم تقدم وسائل العلم والمعرفة في ذلك العصر والذي أشار اليه التقرير بقوله أنها أوتيت من كل شيء من الإمكانات والقدرات التي أذهلت الهدهد وأدهشته ؛ قام النبي سليمان _ عليه السلام _ بأداء مهمته التي ابتعثه الله _ عز وجل _ لهداية الناس الى الحق وجعلهم مسلمين لله في كل شئون حياتهم ، وكلَّف الهدهد بحمل رسالة الهداية الى أهل اليمن من خلال خطابه الذي وجهه الى ملكتهم باعتبارها رأس النظام في ذلك الوقت ، وقال له بكل حزم واستعجال : (( اذْهَب بِّكِتَابِي هَٰذَا فَأَلْقِهْ إِلَيهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ )) فرأى عجبا .. أدبٌ جم في التعامل بين الدول ، واحترام للآخر بلا تصنع ولا رهبة ، ودراية في غاية الدقه بأسس الأنظمة الديكتاروية ، وملكة على رأس نظام يقوم على المؤسسات التي تمنع طغيان الحاكم مهما كانت محبته في النفوس ، واستعداد لمواجهة أي موقف بما يتناسب معه . " : قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّىٰ تَشْهَدُونِ قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَٰلِكَ يَفْعَلُونَ ))
وحتى تعلم ماوراء الرسالة التي تسلمتها من النبي سليمان عليه السلام _ ومن هو هذا المرسل ، وماهي دوافعه ، وهل رغبته في التوسع والسيطرة هي الهدف الذي يسعى اليه ، أم أنه حامل رسالة الله _ عز وجل _ إلى ساكني الأرض في عصره (( وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِم بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ )) .
ولما تأكد له أنها عازمة للمسير اليه ، وراغبة وشعبها في اعتناق الاسلام (( قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ))
فأجابه من هو قادر على الإتيان بعرشها قبل أن يقوم نبي الله من مقامه : ((قَالَ عِفْرِيتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ )) فرأى عليه السلام أن هذه مدة زمنية طويلة في عمر التقدم العلمي الحاصل في ذلك الوقت ، مما دفع بأحد علماء التقنيات أن يتقدم بمبادرة أسرع من سابقتها : (( قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ))
فلما رأى نبي الله _ عز وجل _ عرش بلقيس بين يديه ، أمر بإزالة أبرز معالم ذلك العرش حتى يختبر قدرتها على التمييز ، ويخضعها لما عنده من أدوات ملك ليست من ما عندها .
كل هذا حدث في سرعة زمنية قياسية لمعرفة النبي سليمان _ عليه السلام _ بالتقدم العلمي وتطوره لدى الشعب اليمني في ذلك الوقت ، والذي لم يكن ممكنا الاَّ بمستوى تعليمي راقٍ ، ومناهج تعليمية كانت مخرجاتها أجيالاً من العلماء الأفذاذ الذين حققوا مجداً لشعبهم خلَّده الله _ عز وجل _ في قرآنه الكريم الى يوم القيامه ..!
لذلك لم تعتريها الدهشة ، ولم تقع فريسة الاستغراب ، ولم تربكها المفاجئة عندما وُضعت أمام الامتحان : (( فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَٰكَذَا عَرْشُكِ )) فأجابت بكل ثبات : (( قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ )) .
لم ينخلع لها قلب ولم يطير لها عقل ولم يهتز لها رشد .. لأنها ببساطة كانت على ثقة أن العلم يمكن أن يصنع مثل هذا الصنيع ..!
ووُضعت في اختبار آخر لم تجد لها من مفر الاَّ أن تعترف _ أخيراً _ أنها في حضرة نبي وليست في حضرة ملك كسائر ملوك الأرض .. مما دفعها الى الاتجاه نحو ربها معترفة بأنها كانت في بعدٍ عن الله _ عز وجل _ وأعلنت خضوعها وإستسلامها لله رب العالمين وأوضحت بكل جلاء وعبودية لله _ عز وجل _ بقولها :(( قالت رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)).
إن مجداً نريد أن نصنعه لا بد له من أسس علمية يرتكز عليه ، ولا بد من نهضة معرفية تسود في مجتمعنا من شرقه الى غربه ، ومن شماله الى جنوبه ..!
إن العالم اليوم بمناهجه التعليمية يركض نحو آفاق الفضاء ، ونحن لازلنا نحبو حبواً في كل مجالات حياتنا ..!
إن علينا أن نجعل من أمجاد ماضينا مايدفع بنا الى مستقبل نكون فيه أقوى وأعز مما نحن عليه اليوم .
إننا شعب جزءٌ من أمة خاطبها ربها من لحظات نشوئها الاولى بأنه ليس أمامها للنهوض بنفسها وبغيرها من البشر الا ان تتمسك بأهداب العلم اذا أرادت أن تعرف ربها وخالقها ومعبودها ؛ وأن تقود الانسانية الى الهدى ، وأن تنقذ نفسها وغيرها من أباطيل الخرافات وأحابيل الدجل ومهاوي الظلم والاستبداد والطغيان ..!
لقد كانت الامية معجزة في حق رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ وحده ، أما بقاء الأمية منتشرة في صفوف المسلمين فهي عارٌ يجب التخلص منه والى الابد ..!
إن أمية الحرف تشكل عائقاً كبيراً أمام معرفة الإسلام ومتطلباته من المسلم الملتزم بمبادئه ومتطلبات الدعوة اليه وتكوين أمة الشهود على الناس من خلال نهوضها العلمي وسلوكها القويم وحضارتها الخادمة للبشرية في كل أفرع الحياة ..!
إن الأمية نقيض العلم ، وعدوة المعرفة ولُحمةُ الجمود وأساس التخلف والسبب الأكبر في ضمور الشعوب ، والقاتل عمداً لكل طموح أو ابداع انساني ..!
إن العلم وإنتشار التعليم هو الأساس الذي به تتغير موازين القوى بين الأمم ، وبه تشمخ قامات لأناس ، وبغيابه تنحني هامات لأناس آخرين ..!
بالعلم والتعلم تتم عملية الصعود في مراقي المجد ، ولا يمكن أن تتم بغير ذلك لان العلم هو الرافعة التي يستند عليها كل من كان له طموح في هذه الحياة ، وكل من يبتغي العزة في الدارين .. إنه من أهم الوسائل الناجعة لإحداث التغيير في موازين القوى الاجتماعية بدون إراقة الدماء وبدون استخدام القوة والعنف ..
فالحياة لايمكن أن تستقر على حال ، ولا يمكن أن تسلم زمام أمرها الى أمة دون غيرها ولا لعائلة دون عوائل الآخرين ولا فرد دون فرد ، ولا يمكن لأحد أن يحتكر حرفة ما أو وظيفة ما مدى الحياة لان هذا مخالف لسنة الله _ عز وجل _ الذي طبع الحياة بطابع التغيير في كل شئونها ومراحل أيامها ..
يقول الله _ سبحانه وتعالى _ في محكم كتابه الكريم : ((وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ ))..
هذه هي طبيعة الحياة ، والجمود والبقاء على نمط معين منافٍ لكل حقائق الحياة .. لقد عمل أتباع الوثنية العربية او الوثنية المجوسية او الوثنية الهندوسيه على شرعنة التفاوت الاجتماعي على أساس طبقي ، ولحق بالمسلمين بعض هذا الهراء نتيجة تأثرهم بثقافات تلك الوثنيات ، أو بعدم قدرتهم على الإنسلاخ من تلك الثقافات بإعتبارها تراثاً عائلياً من الصعب عليهم الفكاك منها ..!
فالإسلام لا يقر هذا النوع من القيم الجاهلية والثقافات المشبوهة التي تسربت الى بعض مجتمعات المسلمين على حين غفلة من عقلاء هذه الأمة التي يؤكد دينها على أن المسلمين طبقة واحدة تختلف مهنهم باختلاف حرفة كل منهم .. فمن يحترف اليوم مهنة معينة قد لا يحترفها ولده أو حفيده من بعده ، فالحرفة ليست ضربة لازبٍ لا يمكن التفلت منها أو الانتقال منها الى حرفة آخرى ..
فهذا النوع من الفهم العقيم مصادم لسنة الله _ عز وجل _ في التغيير ((وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ )).. بين الناس ..مسلمهم وكافرهم .. قويهم وضعيفهم .. غنيهم وفقيرهم .. سادتهم وعبيدهم .. نسائهم ورجالهم .. كبيرهم وصغيرهم .. تداول الايام بين الناس .. كل الناس بلا إستثناء أو محاباة ..! إن كل من يريد أن يغير من وضعه السياسي أو الاجتماعي أو الاقتصادي او الثقافي فعليه بالعلم؛ فهو الوسيلة الآمنة للتغيير والإنتقال من حالٍ الى حال ، وليس هناك من حرفة محترمة لأناس محترمين ، وحرفة غير محترمة لأناس غير محترمين وكل منا مسخر لخدمة الآخر بحسب الدرجة الوظيفية المسندة اليه والحرفة التي يحترفها .. يقول الله _ عز وجل _ (( وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا))..
فالدرجة الوظيفية لا تدل على أصل الموظف ، وانما تدل على كفاءته من عدمها ، وكذلك الحال بالنسبة لأي حرفةٍ كانت .. فأصول الناس واحدة ، والجميع أبناء آدم عليه الصلاة والسلام .." وكما قال الأخ / عبدالله صعتر:
فإن كان أبونا آدم (( أصل )) فكل الناس أصل ، وإن كان قليل (( أصل )) فكل الناس (( قليلين أصل )) !!

صحائف التاريخ وسنن الهداية محمد عبدالله اليدومي صحائف التاريخ مليئة بالدروس والعبر لكل من يريد أن يتعلَّم ويعتبر ، كما أن في طيَّاتها من الحقائق مايجعل من مراجعة وقائعها تفسيراً وتبياناً لكثير من الوقائع والأحداث التي تدب أقدام صانعيها على بساط »

هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟

الإسم:

البريد الإلكتروني :

العنوان :

نص التعليق :
*

مساحة إعلانية

فيس بوك

تويتر

إختيارات القراء

إختيارات القراء

لا توجد مشاهدة

لا توجد تعليقات